قام العلماء في كل زمان ومكان بالتأليف في علوم القرآن، وتنوعت تآليفهم بتنوع الموضوعات، وهذا الكتاب الذي بين أيدينا اليوم أحد مصنفات الإمام مكي بن أبي طالب الكثير، أفرده بذكر (غريب القرآن) ليوضحه ويبين مراده ولطائفة، وهو يحرص أشد الحرص على أن يكون كتابه وجيزاً خفيفاً على قارئه لتنشط إليه نفسه ويقبل عليه قلبه، وينعم بجناه نعيماً خالصاً من كدر السآمة التي يجلبها التطويل والإكثار، فهذا الكتاب يمتاز عن غيره بالإيجاز الشديد، فهو مختصر في فنه كما أنه سديد الآراء يختار أولى الأقاويل وأرجحها عند أهل التفسير واللغة، ولا يجنج للشاذ من الأقوال ولا للمنحول من التفسير، فهذا الكتاب جدير بالعناية والشرح والتحقيق ليكون زاداً لقارئ القرآن ودليلاً له.
يعد هذا الكتاب واحدًا من كتب معدودة فى حياة القراء العلمية وفقا للقراءات المشهورة ، إذ يورد المؤلف الرواة المشهورين عن كل قارئ من القراء الذين ذكرهم .
والمؤلف يمثل اتجاها أصيلا فى التأليف فى علم القراءات ، ويرتب القراءات ترتيبا لا يقلد فيه أحدًا ، فقد أدخل فى القراء المعروفين (ابن محيصن ) الذى أخرجه " ابن مجاهد " صاحب كتاب السبعة ، من القراء السبعة .
وبذلك خالف ( الأندرابي ) مفهوم ابن مجاهد ، فى أن كل قراءة خرجت عن قراءات هؤلاء السبعة تعد قراءة شاذة ، وأهمية هذا الكتاب أنه يعطى صورة مفصلة لحركة القراءات فى القرن الخامس الهجرى فى المناطق الشرقية فى العالم الإسلامى ويبين بالتفصيل كيفية انتقال القراءات – التى ذكرها – إلى تلك المناطق البعيدة ، ويعطى صورة مفصلة لروايات القراء المعروفين وطرقها المعروفة ، بأسانيدها المتصلة ، ومعرفة طرق الرويات من القضايا التى تشغل بال القراء وتستحوذ على اهتمامهم .
وكتاب الأندرابي يحقق هذه الناحية المهمة من نواحى القراءات ، لأن صحة الإسناد ركن من أركان القراءة الصحيحة التى تجوز القراءة بها والتعبد&nb...