موضوع هذا الكتاب هو أثر القراءات الشاذة في الدراسات النحوية والصرفية فالموضوع يتصل بكتاب الله عزوجل وكل موضوع يتصل بكتاب الله أولى بالبحث وأجدر بالدراسة من غيره، وهذا الموضوع مهم لأنك ترى في هذه الشواهد النحوية والصرفية المستمدة من القراءات الشاذة مما أثبته القدماء في مؤلفاتهم احتج بها فريق منهم وتأولها فريق أخر، ولما كان معظم هذه القراءات نازعا بالثقة إلى قرائه محفوفاً بالرواية من أمامه وورائه، مدوناً في عصر الاحتجاج، ولما لهذا الموضوع من أهمية جمع المؤلف من تناثر من القراءات الشاذة ودراسته، وتتبع ذلك، وهذا الكتاب الضخم في مجلدين كتبه المؤلف الدكتور أحمد محمد أبو عريش الغامدي التي نال بها درجة الدكتوراة.
لكل راغب في علم التجويد والقراءات ، وطالب علم التفسير والدرايات نقدم هذه الرسالة ، ففيها تعريف بحروف التهجي بأوائل السور التسع والعشرين ، وذكر فيها فواتح السور المذكورة في علم التجويد وعلم الفواصل ، وعن فواتح السور في القراءات العشر والأربع الزائدة عليها ، فواتح السور في أقوال علماء التفسير، فالكتاب جميل في فنه وفريد في موضوعه وهذه الفواتح حيرت العلماء وأعجزت الفصحاء ، ورجح شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله إنما ذكرت هذه الحروف في أوائل السور التي ذكرت فيها بياناً لإعجاز القرآن الكريم وأن الخلق عاجزون عن معارضته بمثله ، هذا مع أنه مركبٌ من هذه الحروف المقطعة التي يتخاطبون بها.
فإن القراءات القرآنية كانت وما زالت مهلاً ثرياً ومعيناً لا ينضب لكثير من الدراسات على مستوياتها المختلفة بأنواعها المختلفة، ومن الدراسات والكتب المهمة التي بحثت عن القراءات الشاذة، والقراءت الشواذ لا تقل شأوا عن القراءات السبع المشهورة في الإسهام في الدرس اللغوي عامة وفي الدرس النحوي خاصة، بل ربما رصدت هذه بعض الظواهر النحوية، تقعيداً أو كشفاً أو تفسيراً أو استشهاداً أو احتجاجاً، ومن أشهر المؤلفات في القراءات الشواذ كتاب إعراب القراءات الشاذة، لأبي البقاء العكبري، أعرب من أوّل سورة الفاتحة وحتى آخر سورة الناس، و أعرب كذلك القراءات السبع والقراءات العشر مستعينًا بالآراء النحوية، التي يجوز تخريج تلك القراءات عليها.
كتاب (إيضاح الرموز ومفتاح الكنوز في القراءات الأربع عشرة) لشمس الدين أبي عبدالله محمد بن خليل بن أبي بكر القبابي ، من الكتب التافعة المفيدة في علم القراءات إذ اشتمل على جميع القراءات المتواترة التي وصلت إلينا بالطرق الصحيحة المتواترة حتى رسول الله وقد تلقاها المسلمون بالرضا والقبول حتى العصر الحاضر ، فهذا الكتاب سهل العبارة ، حسن الأسلوب ، واضح المعنى ، صحيح المحتوى ، جامعاً للقراءات العشر المتفق على صحتها وثبوتها ، مضيفاً إليها قراءات الأئمة الأربعة.
من عناية العلماء بالقرآن عنايتهم بكيفية إخراج كل حرف من مخرجه الصحيح ، فألفوا في ذلك تأليفات كثيرة مختصرة ومتوسطة ومطولة ، وشروحات مختلفة متنوعة من حيث السهولة الصعوبة ، ومن تلك الشروحات شرح (الدرة) في القراءات الثلاث المتممة للقراءات العشر ، نظم الإمام الحافظ المحقق العلامة الشيخ ابن الجزري ، وشرحه فضيلة الشيخ العلامة عبدالفتاح عبدالغني القاضي رئيس لجنة مراجعة المصحف الشريف ، وشرحه شرحاً متوسطاً بين الإسهاب والإيجاز ، بعيداً عن التطويل والحشو والألغاز.
هذا الكتاب مما كان طلاب القراءات في حاجو ماسة لهم، ألا وهو كتاب يجمع ما في الشاطبية والدرة من القراءات، ونظرا لهذه الحاجة وضع المؤلف هذا الكتاب المهم، وضمنه القراءات العشر من طريقي التيسير والتحبير، والشاطبية والدرة وقد سلك فيه مسلك صاحب الغيث في ترتيبه ونظامه، فيذكر كل ربع من القرآن ما فيه من كلمات الخلاف كلمة كلمة مبيناً خلاف الأئمة العشرة في كل منها، سواء اكان ذلك الخلاف من قبيل الأصول أو من قبيل الفرش، ثم يقول الممال ويحصر جميع الكلمات الممالة، ضاماً النظير إلى نظيره، مبيناً عند كل كلمة ونظيرها من يميلها ومن يقللها، ثم يذكر المدغم ويقسمه إلى قسمين: صغير وكبير، ولا يتعرض لشيء من أبواب الأصول، اكتفاء بذكر قاعدة كل قارئ، والمصنف جزاه الله خير لم يذخر وسعاً في توضيح العبارة، وتبسيط الأسلوب، وتجنب التعقيد، والبعد عن الصعوبة.
فأن لسان الإسلام الناطق وقاعدته الراسخة واساسه المتين هو القرآن الكريم، فعليه يتوقف إصلاح الأمة الإسلامية في دينها ودنياها، وهو سبيلها إلى العزة الأبدية والفوز العظيم في الدار الآخرة التي فيها معادها، وهو طريقها المستقيم الذي يوصلها إلى السعادة الدائمة في الدنيا التي فيها معاشها، ومنذ نزل القرآن إلى يومنا هذا العلماء لا يتركوا جهداً في الكتابة عن القرآن والمباحثة والمدارسة عنه، وهذا الكتاب الذي بين أيدينا اليوم دراسة نحوية متصلة بالقرآن الكريم، عن التخريجات النحوية والصرفية لقراءة الأعمش، للدكتور سمير عبدالجواد استاذ اللغويات المساعد في كلية اللغة العربية بالقاهرة، والاهتمام بقراءة الامام سليمان بن مهران الأعمش جديرة بالعناية لأن قليل من يهتم بهذا الموضوع بالذات، والبحث في قراءة الأعمش ليس بالسهل، لأن الائمة الأخرين كتبهم متشرة بعكس الأعمش فإنه لم يترك لنا كتاباً يحمل قراءته ولم يفرد له ذلك، فجمع المؤلف جزاه الله خير القراءة التي وجدها في بطون كتب القراءت والتفاسير، وحاول أن يوفق بين الآراء المختلفة.
تتناول هذه الدراسة القراءات في كتاب "إعراب القراءات الشواذ" للعكبري من حيث اختيارات المصنف، ومدى ملاءمتها لقواعد النحو العربي، ضمن رفض أو قبول، من ناحية تركيبية نحوية، ثم تناول عددا من الدراسات القديمة والحديثة، التي أشارت إلى القراءات الشاذة بشكل عام، وعالج المؤلف الجوانب المختلفة موزعة على فصولها فقد تحدث في الفصل الأول عن الإسناد بنوعية، الفعلي والاسمي، وعن العلاقات المغعلية والمحمول، عليها والمشبه بها، وعالج كذلك الإضافة بنوعيها، الإضافة إلى الأسماء و حروف الجر، فالكتاب فريد ومفيد وجميل حري، بطالب العلم أن يقرأه.
ثبت عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال :" نزل القرآن سبعة أحرف"، فقرأ الناس والصحابة الكرام على ما كان في حياته صلى الله عليه وسلم، وكان مدة حياة أبي بكر رضي الله عنه، وحياعمر وعثمان رضي الله عنه فجمع القرآن الكريم، والتساؤل الذي وضعه المؤلف هو عن نشأة القراءات الشاذة وحقيقتها، لأن بعض الابحثين جعلوا كل القراءت التي لم تبلغ حد التواتر شاذاً وكأنه ضعيف ولا يحتج به فحاول أن يميط اللثام عما اكتنفها عن هؤلاء، وجعل مبحثاُ ناقش فيه رأي العلماء في الأحرف السبعة بعد الجمع العثماني إذ هو الأساس الذي تبني عليه أقسام القراءات، وحقيقة كل نوع، ونخص هنا القراءات الشاذة بمزيد من التفصيل، وأهميته تكمن أن من كتبوا في هذا قليل.
فإن المهتمين بدراسة القراءات القرآنية يعلمون أن القراءات الشاذة هي جانب مهم في علم القراءات ثم إن المجتزئين في علمهم يجدون في احاطتهم المحدودة بالقراءات المتواترة غنى وكفاية، ولكن أهل التعمق والفقه في التخصص ينقبون عن هذه القراءات الشاذة، وقد كتب مؤلف هذا الكتاب دراسته هذه للقراءات الشاذة، حيث لم يكتف في بحثه بالإجمال، بل اتخذ منهج الاستقراء والتفصيل المشبع، وتصدى للموضوع بجوانبه وجذوره، فهو حافل بالعديد من المزايا، حيث إن فيه تأريخاً دقيقاً، موجزاً أميناً، للقراءات المتواترة والشاذة التي حواها محرر ابن عطية، كما أن ابحث احتوى دراسة متعمق مؤصلة للقراءات الشاذة من ناحية الصوت والدلالة، وقد استطاع المؤلف بما أوتى من فكر ثاقب ودقة ملموسة فقد وفّى هذه الدراسة حقها، وهو بحق يعد إضافة إلى التراث اللغوي عامة، وإلى المكتبة القرآنية خاصة.
مصطلح الشذوذ في العلوم الإسلامية بوجه عام، وفي العربية والفقه والقرات بوجه خاص، مستغلق أمره، وغامض مفهومه، ومضطرب القول فيه؛ إذ إنه مرتبط عند كثير من الناس بالرداءة والقبح، فجاء مؤلف هذا لكتاب وبيّن مستغلقه، وكشف الغامض، ورفع الإلتباس المتبادر إلى الأذهان عند سماع المصطلح، وبيّن أنه غير مرتبط بما يأباه أهل العلم، وتكلم عن مفهوم الشذوذ في اللغة العربية والفقه والقراءات، وذكر بعض ضوابط القراءات الشاذة، وذكر سند القراءات الشاذة وانفرادها، وعرف التواتر والآحاد، وتحدث عمن حصرالتواتر في القراءات وأوضح أن الشاذ ليس بالقرآن، وتكلم عن شواذ القراء السبعة، وتباحث عن عن قراء الشواذ ومميزاتهم وخصائصهم وغرها من الفاوئد الغريزة والنوادر التي قل أن تاجدها فيي كتاب مجموع هكذا.
هذا البحث بعنوان: (القراءات الشاذة وأثرها في التفسير)، يلقي الضوء على أهمية معرفة القراءات الشاذة، وأثرهاا في التفسير، فهي تعتبر مصادر التفسير، وقد كانت من قبل قرآناً يُتلى، ثم طرأ عليها الشذوذ فرفع التعبد بتلاوتها، وبقي أثرها من حيث المعنى، والعمل بما تضمنته من أحكام شرعية تنزيلاً لها بمنزلة خبر الآحاد، والاحتجاج بها في اللغة، وقد يتبادر في أذهان كثير ممن يسمع الشذوذ من حساسية، غير أن هذا الوصف عندما أطلق لم يقصد به إلا بيان قلة من قرأ بها، وخروجه من حيز التواتر إلى حيز الآحاد، وفجا هذا البحث كاشفاً عن حقيقة القراءة الشاذة، وبيان ضابطها، وذكر أههم رواتها، وبين احتجاج الفقهاء بها، وكذا المفسرون، ذكر أثرها في المعنى التفسير من خلال ضرب بعض الآثار.