يُعرض المؤلف صالح بن عبد الله حاجي في هذا العمل المختصر مفهوماً دقيقاً في علم التجويد يتعلق بـ «الإدغام» و«الإخفاء» من حيث التفريق بينهما، مقدّماً الكتاب في حيزٍ واضح وموجز تحت عنوان “في التفريق بين الإدغام والإخفاء”. يبدأ المؤلف بتقديم تمهيدي لعلم التجويد وأصول ما يُعنى به من ضوابط الصوت والنطق في قراءة القرآن الكريم، ثم ينتقل إلى موضوع الكتاب ومحاوره الرئيسة التي تشمل التعريف بكل من الإدغام والإخفاء، وبيان الفروق الصوتية واللغوية بينهما، مع تبيان الأحكام التجويدية المترتبة على كلٍّ منهما، بالإضافة إلى تقديم أمثلة قرآنية عملية توضح التطبيق والنطق الصحيح في قراءتي المصحفين ومشايخهما. وقد اتّبع المؤلف في عرضه منهجاً تأسيسياً يركّز على الصياغة الواضحة والشرح المُبسّط، مع الوقوف على أدقّ الموازين الصوتية عبر أسانيد قرائية معتبرة، مما يسهّل على طالب التجويد فهم الفرق بين الحالتين بدقة. ومن المميزات الفنية والعلمية لهذا الكتاب استخدام لغة عربية فصيحة يسهل قراءتها والاستيعاب بها، وتحكّمٌ جيد في مصطلحات التجويد بطريقة منهجية، مع توثيق لجملة من المصادر المعتمدة في هذا الحقل (على الرغم من أن حجم الكتاب يبدو صغيراً، مما قد يعني أن التوسع في المصادر محدود)، كما تتجلّى الأصالة في اختيار موضوع دقيق متخصص لم يُعطَ له الكثير من الحيز في الكتب المؤسسة، ما يجعل هذا المؤلّف يقدّم إضافة نوعية في هذا الجانب. ويستهدف الكتاب الفئة التي تتعلّق بعلوم التجويد — مثل طلاب حلقات تحفيظ القرآن، ومعلمي التجويد والمشرفين على تعليم قراءات القرآن — وكذلك أي قارئ راغب في تدقيق مخارج الحروف وضبط النّطق القرآني، ما يجعل فائدته عالية لهؤلاء في ترسيخ المفاهيم وتجنيبهم الخلط بين المَدارين. وإذا ما نظرنا إلى القيمة العلمية والثقافية التي يُضيفها هذا الكتاب، فهي تتمثّل في تعميق الفهم التجويدي لحالة خاصة من حالات النطق — الإدغام والإخفاء — وتقديم مرجعية مبسّطة واضحة في ذلك، مما يُثري المكتبة التجويدية العربية ويفتح الباب أمام مزيد من الدراسات المقارنة والتدريب العملي في نطق القرآن الكريم.
