يُعَدّ كتاب «جهود الإمام التَّنَسِيّ» نافذةً محكمةً على سيرة أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن عبد الجليل التِّلمسانيّ التَّنَسِيّ (ت 899هـ/1494م)، أحد أعلام المدرسة المغاربية في علوم القرآن والضبط والقراءات؛ إذ يبدأ بتمهيدٍ تراجميّ يَسرد نشأته ورحلاته وصلته بحواضر العلم بتلمسان وتِنِّس وشيوخه وتلامذته، ثم يحصي نتاجه العلمي ويعرّف بأبرز مصنفاته وفي مقدمتها «الطِّراز في شرح ضبط الخراز» الذي عُدّ من أشهر شروح «مورد الظمآن» وأكثرها تداولًا، مع الإشارة إلى طبعاته المحقَّقة الحديثة، كما يستعرض عنايته بالتاريخ في كتبٍ كـ«الدرّ والعقيان في دولة بني زيّان» دلالةً على سعة ثقافته. ويتناول الكتاب موضوع جهود التَّنَسِيّ عبر محورين رئيسين: محور الضبط والرسم من خلال تفكيك مصطلحاته وتحليل عللها وربطها بأداء القراءات، ومحور الإسناد والتعليم بتتبّع شبكات تلقّيه وإقرائه وأثره في المدرسة النافعيّة بالمغرب. وينتهج المؤلف منهجًا وصفيًّا تحليليًّا يجمع بين البيبليوغرافيا وقراءة النصوص؛ فيكشف بنية «الطراز» ويوازنها بمت...
يُقدَّم كُتيّب «معوّقات أمام إعمال الضبط الأصلح» للباحث صالح بن عبد الله حاجي في صيغةٍ موجزةٍ تُشخِّص العوامل التي تعترض تطبيق الضبط الأمثل في المصاحف وموادّ التعليم القرآني المعاصرة؛ إذ يحدّد موضوعه في تحليل المعوّقات النصيّة والفنية والمؤسسية التي تُربك توحيد الضبط، مثل تباين الأعراف بين مدارس الضبط، وضغوط الإخراج الطباعي والرقمي، وضعف المعيرة للمصطلحات والإشارات، وما يترتّب على ذلك من أثر مباشر في الأداء والتعليم. وينتهج المؤلف منهجًا وصفيًا تحليليًا تقويميًا يبدأ برصد أمثلةٍ لاضطراب الضبط في مواضع منتقاة، ثم يقارن البدائل الممكنة في ضوء قواعد الفن وضوابطه، قبل أن يقدّم ترجيحات عملية تراعي واقعية النشر والبرمجة ومتطلبات التلقين. ويتّسم الكُتيّب بلغةٍ فصيحةٍ مقتصدةٍ دقيقة المصطلح، وبناءٍ منطقيٍّ واضحٍ ينتقل من التشخيص إلى المعالجة، مع حضورٍ تطبيقيٍّ يُبرز احتياجات اللجان العلمية والمراجعين والمعلّمين على السواء. وتظهر ميزاته الفنية في وضوح الأمثلة وتدرّجها، واقتراح توصيات قابلة للتنفيذ كإقرار قائمة رموزٍ معيارية، ووضع أدلة أسلوبية للضبط، وت...