قد قيض الله لهذه المنظومة المسماة ب(المقدمة فيما على قارئ القرآن أن يعلمه) رجالا عظماء يكشفون عن حقيقتها الستر ، ويخرجون منها التّبر ، فقدموا لنا قواعدها وأحكامها وتطبيقاتها عذبة طرية نشرب من معينها ككما يشرب الماء الصافي من البئر، قام العلامة المقرئ الفقيه الحنفي علي بن سلطان القاري رحمه الله ، فأوضح معانيها ، وحرّر علومها ونكتها ، وبيّن غامضها ، وحلّ ألغازها ، حتى بدت كالششمس في الأفق يسطع نورها على كل الشهب.
من الكتب التي حظيت بعناية خاصة في علمم القراءات،ووافر الاهتمام قصيدة الامام الشاطبي الموسومة بحرز الاماني ووجه التهاني في القراءات السبع فقد اعتنى بها العلماء ففتابعوا على شرحها، واستنباط لطائف معانيها، واستخراج كنوزها، في مصنفات متعددة، ومؤلفات متنوعة، ومن جملة شروحها البارعة شرح الامام عبجالرحمن اسماعيل بن ابراهيم المعروف بأبي شامة، حيث شرحها شرحاً بديعاً، وقد احتفل شرح أبي شامة بمسلك جديد، يتجلى في استدراكه على الامام الشاطبي في مواضع كثيرة من قصيدته، فتعقبه عليها أبو شامة، وأردف ذلك بما يراه مناسباً من أسلوب وصياغة لا يتناولها اعتراض، وهذه الاستدراكات نقلها جمع من الشراح بعد أبي شامة، وبعض استدراكاته على الامام الشاطبي لا يخفي حسنها، ولا يمكن إغفالها؛ لجلاء أمرها ووضوحه، وفي هذا البحث المختصر جاء ليقف على هذه الاستدراكات التي اوردها الامام الشاطبي، ودراستها دراسة تتضمن بيان وجهها ومناسبتها، وصحة اعتراضها، ومقارنتها بعبارات غيره.
قيض الله علماء في كل زمان متخصصين في القرآن وعلومه فألفوا التآليف النافعة التي تلقاها الناس بالقبول في مشارق الأرض ومغاربها ومن هذه التآليف النافعة "الدرر اللوامع في أصل مقرئ الإمام نافع" لابي الحسن علي بن محمد ابن الحسن التازي المعروف بابن بري فقد كان نظمه غاية الجودة ، فقد جمع فيه كثير من قواعد التجويد في مقر الإمام نافع امام القرآن بالمدينة أصولاً وفرشاً،ثم جاء بعده العالم النحرير الشريشي المعروف بالخراز فوضع شرحاً جميلاً على الدرر اللوامع سماه "القصد النافع لبغية الناشئ والبارع "نثر في ثنايا هذا الشرح علوماً غزيره كالتجويد والقرآن فله اليد الطولى في ذلك فكان حريا بالعلماء أن يظهروا هذا الشرح ويخرجوه للناس لينفع العامة والخاصة.
القراءات القرآنية مرتبطة ارتباطا وثيقاً بنزول القرآن، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقريء الصحابة رضي الله عنهم بهذه الأحرف، وكل واحد منهم يأخذ القراءة، ويقرأ ويُقريء، بحسب ما تعلم، وانتشر الصحابة في الأمصار وتلقى منهم التابعون هذه الأحرف، وأخذ الأئمة عن التابعين حتى وصلت إلى ومن التدوين، وإحياء لهذا العلم الجليل والفن الدقيق في الأردن قامت جامعة البلقاء التطبقية بعمان بفتح قسم مختص في القراءات القرآنية وهذا الكتاب تم تأليفها وترتيبها من اللجنة المختصة مع ثلة من المختصين في هذا الشأن شعوراً منها بضرورة الإسهام في علم القراءات في عصرا بالاختصار والتنظيم والترتيب، وتبسيط العبارة للناشئين من طلبة علم القراءات بصورة علمية منهجية بالاستفادة من الميراث العظيم، فشرحوا فيها منظمة الشاطبية والدرة للامام ابن الجزرية المعروفة في هذا الفن، بشرح مباشر من غير تعقيد، وتححقيق القول في مسائل المنظومتين وغيرهما من الفوائد التي سيعرفها القارئ أثناء القراءة.