يقدّم كتاب «الخلاف الأصولي في قرآنية البسملة وأثرها في الأحكام» للدكتور موسى بن علي بن موسى فقيهي معالجةً أكاديمية منشورة في «مجلة جامعة أم القرى لعلوم الشريعة واللغة العربية وآدابها»؛ وقد أثبتت مكتبة القرآن بياناته الببليوغرافية: 79 صفحة، والناشر جامعة أم القرى (الأربعاء 24 سبتمبر 2008). يدور موضوع الكتاب حول تحرير محلّ النزاع في قرآنية البسملة ورصد أقوال الأئمّة ومآخذهم، ثم بيان الآثار الفقهية المترتِّبة على كلّ قول، في إطارٍ يجمع بين التحقيق الأصولي والتحليل التطبيقي لمسائل الصلاة والقراءة والعدد والجهر ومسّ المصحف. وقد رتّب المؤلف بحثَه في تمهيدٍ وثمانية مطالب وخاتمة: التمهيد في كون المسألة قطعية أم ظنية، ثم مطالبٌ تتعاقب لعرض القول الأول وأدلته، فالقول الثاني وأدلته، فالثالث وأدلته، فبقية الأقوال مع مناقشتها، يعقبها تحرير «سبب الخلاف»، ثم «القول المختار»، وأخيرًا «الفروع المبنيّة على الخلاف» في تسع مسائلٍ عملية. وينتهج فقيهي منهجًا وصفيًّا استقرائيًّا مقارنًا؛ يُصرّح فيه بأسباب اختيار الموضوع، ويستند إلى مصادر التفسير والفقه والأصول، ويُكثر من التوثيق «بنصّ العبارة» مع تنظيمٍ تاريخيٍّ لعرض الأقوال وترتيبٍ منهجيٍّ للإحالات. وتظهر قيمة هذا البناء في تقعيد النقاش القديم حول مدى قطعية المسألة أو ظنيّتها، ونقل مناقشات أعلامٍ كالقاضي الباقلاني والنووي وابن تيمية والزملكاني مع نقدٍ مُحكَمٍ لعبارات التكفير أو التفسيق في سياق الخلاف. أمّا أهم المميّزات العلمية والفنية فتتمثّل في لغةٍ فصيحةٍ موثَّقة، وضبطٍ اصطلاحيٍّ دقيق، وتبويبٍ يردّ الجزئيات إلى كليّاتها، واستخلاصاتٍ عمليةٍ تفصل بين «الرواية الأصولية» و«الأثر الفقهي» في أبواب الصلاة والطهارة وعدّ الآي والجهر. ويخلص المؤلف إلى ترجيح أنّ البسملة «آيةٌ من القرآن للفصل بين السور» علمًا وعملاً، مع إبراز آثار هذا الترجيح في صحة الصلاة ووجوب القراءة والجهر بها من عدمه، وسائر ما يتعلّق بأحكامها. والكتاب موجَّهٌ إلى دارسي أصول الفقه وعلوم القرآن ومدرّسي القراءات والباحثين في فقه العبادات؛ إذ يقدّم إطارًا معياريًّا يُعيد ترتيب أدلة المسألة ويُحسن تنزيلها على وقائع الأداء والعبادة، مُضيفًا إلى مجاله تحريرًا دقيقًا يُخفِّف الالتباس التاريخي ويُرسِّخ أدب الخلاف في مسائلٍ دارت على الألسنة قديمًا وحديثًا.
غير موجوه الآن