كتاب "تحصيل الهمزتين الواردتين في كتاب الله تعالى من كلمة أو كلمتين" للإمام أبي الأصبغ عبد العزيز بن علي السّمّاتي الإشبيلي (ت: 561هـ) يُعَدُّ من النفائس العلمية في مكتبة علم القراءات، فهو عمل متفرد ومركّز خصّصه المؤلف لدراسة واحدة من أدق المسائل التجويدية والقرائية، ألا وهي أحكام الهمزتين في الكلمة الواحدة أو في كلمتين متجاورتين. وقد أحسن المؤلف صنعًا حين أفرد هذا الباب الدقيق بمصنف مستقل، معتمدًا على الروايات والأصول المقررة عند أئمة القراء، ومبرزًا بذلك دقائق الأداء ومذاهب القراء في هذا الموضع.
الموضوع الذي يتناوله الكتاب – وهو "الهمزتان" – موضوع يعسر على كثير من طلبة العلم ضبطه لكثرة تفريعاته واختلاف طرق أدائه بين المحققين والمسهّلين والمبدلين، فضلًا عن ارتباطه الوثيق بالدراسات الصوتية واللسانية التي تؤثر مباشرة على الأداء القرآني، ولذلك فإن تخصيص رسالة علمية مستقلة بهذا الموضوع يُعد خطوة علمية تدل على نضج المؤلف، وسعة علمه، وحرصه على الإتقان.
تميّز المؤلف بمنهج تحقيقي رصين، إذ ابتدأ كتابه بمقدمة تمهيدية تناول فيها أهمية الموضوع، ثم شرع في تقسيم أنواع الهمزتين إلى ما كان منهما في كلمة واحدة (مثل: {ءأنت})، وما كان في كلمتين متجاورتين (مثل: {جاء أمرُنا})، موضحًا لكل حالة الأوجه المقررة في الأداء بحسب روايات متعددة، لا سيما رواية ورش عن نافع، وحمزة، وأبي عمرو، وغيرهم من أئمة الأداء، مما يُبرز إحاطته بأصول الطرق والطرق الفرعية.
من أبرز خصائص هذا الكتاب أيضًا أنه لا يكتفي بذكر الأوجه أداءً، بل يربطها بالأصول اللغوية والنحوية والصرفية، حيث يُبيّن القاعدة اللغوية التي بُني عليها وجه الإبدال أو التسهيل أو النقل، وهو ما يُضفي على العمل صبغة علمية تحليلية تضيف إلى الجانب التطبيقي بُعدًا تأصيليًا.
كذلك يُبرز الكتاب بشكل غير مباشر دور المدرسة الأندلسية والمغربية في خدمة علم القراءات، إذ يُعد الإمام السمّاتي من أعلام هذه المدرسة، التي عُرفت بالدقة في النقل والحرص على التلقي المتقن. ومن خلال هذا الكتاب نلمس أثر هذه البيئة العلمية في تكوين المؤلف، حيث نجد عناية شديدة بالتفصيل، وتحقيق الروايات، وضبط الأداء، والحرص على المقارنة بين الطرق، مع حسن انتقاء الشواهد القرآنية وتقديمها بأسلوب تعليمي واضح.
ورغم أن الكتاب يُعالج مسألة واحدة فقط من مسائل علم القراءات، إلا أن عمقه وتفرعه يجعله بحق مرجعًا لا غنى عنه لكل من يتخصص في هذا الباب، سواء من المقرئين أو الباحثين الأكاديميين. ويمكن اعتباره نموذجًا يُحتذى به في التخصص الدقيق داخل علوم القرآن، حيث يربط بين العلم النظري والجانب العملي التطبيقي، ويُفيد القارئ سواء في حلقات الإقراء أو في الأبحاث الجامعية.
خاتمة القول، إن "تحصيل الهمزتين" هو كتاب صغير في حجمه، عظيم في قدره، دقيق في موضوعه، واسع في فائدته، يُجسد ما يمكن أن يُنتجه التخصص في أبواب القراءات، ويُعد إضافة حقيقية للمكتبة الإسلامية، خاصة في جانب الدرس الصوتي القرآني. ونسأل الله أن يتقبّل من مؤلفه، ويجزي المحققين والقائمين عليه خير الجزاء، وأن يجعله من العلم الذي يُنتفع به إلى يوم الدين.
المحتويات
|
الصفحة |
الموضوع |
|
7 |
تقديم |
|
|
قسم الدراسة (١١ – ٦٢) |
|
13 |
مقدمة |
|
19 |
المصنف |
|
23 |
كتاب تحصيل الهمزتين الواردتين في كتاب الله تعالى |
|
43 |
مخطوطة الكتاب |
|
47 |
منهج التحقيق |
|
49 |
لوحات المخطوطة المصورة |
|
|
قسم التحقيق (٦٣ – ١٥٠) |
|
65 |
نص الكتاب |
|
67 |
خطبة المصنف |
|
|
تحصيل النوع الأول : |
|
69 |
وهو كون الهمزتين مفتوحتين من كلمة |
|
|
تحصيل النوع الثاني : |
|
75 |
وهو كون الأولى مفتوحة والثانية مكسورة من كلمة |
|
|
تحصيل النوع الثالث : |
|
83 |
وهو كون الأولى مفتوحة والثانية مضمومة من كلمة |
|
|
تحصيل النوع الرابع : |
|
85 |
وهو كون الهمزتين مفتوحتين من كلمتين |
|
|
تحصيل النوع الخامس : |
|
91 |
وهو كون الهمزتين مكسورتين من كلمتين |
|
|
تحصيل النوع السادس: |
|
95 |
وهو كون الهمزتين مضمومتين من كلمتين |
|
|
تحصيل النوع السابع: |
|
97 |
وهو كون الأولى مفتوحة والثانية مكسورة من كلمتين |
|
|
تحصيل النوع الثامن: |
|
103 |
وهو كون الأولى مكسورة والثانية مفتوحة من كلمتين |
|
|
تحصيل النوع التاسع : |
|
107 |
وهو كون الأولى مضمومة والثانية مفتوحة من كلمتين |
|
|
تحصيل النوع العاشر : |
|
111 |
وهو كون الأولى مفتوحة والثانية مضمومة من كلمتين |
|
|
تحصيل النوع الحادي عشر : |
|
113 |
وهو كون الأولى مضمومة والثانية مكسورة من كلمتين |
|
119 |
فصل في أن الحذف والتسبل في إحدى الهمزتين لا يكون إلا في حال الوصل |
|
123 |
فضل في همزة الاستفهام الداخلة على : آل |
|
127 |
فصل في همزة الاستفهام الداخلة على : همزة الوصل المكسورة |
|
131 |
فصل في لفظ : أئمة |
|
135 |
فضل في بيان طريقة المصف في تحصيل الهمزتين |
|
137 |
فهرس مصادر المقدمة والتحقيق ومراجعهما |