اعتبار السماة في اختيار الرواة للإمام المقري أبي إسحاق إبراهيم بن عمر الجعبري دراسة وتحقيقا وشرحا للمؤلف يحيى بن هادي بن حديش عسيري:
يُعدّ هذا الكتاب إسهامًا علميًّا مختصًّا في ميدان علم الرواية والرجال داخل علوم القراءات، حيث ينطلق المؤلف من تمهيد يُعرّف فيه بمفهوم «السَّمَة» كمصطلح يُستخدم في ضبط الرواة وترتيبهم، ثم يعرض موضوع الدراسة المتمثّل في كيفية «اختيار الرواة» من قبل الإمام أبي إسحاق إبراهيم بن عمر الجعبري، مستصحبًا مظاهر الاعتبار «بالسمة» في عمليّة القبول والرفض لدى هذا الإمام. وقد اشتملت الدراسة على محاور رئيسة: أولًا تعريف اصطلاحي بـ«السَّمة» وبيان جذورها في علم الرجال ومقاصدها، ثانيًا عرضًا لحياة الإمام الجعبري ومكانته في دائرة الرواية القرائية، ثالثًا تحليلاً دقيقًا لآلية اختيار الرواة عنده انطلاقًا من معايير السمة ـ أي العلامة المميّزة ـ سواء من حيث النقل أو الأداء أو الشهرة، ورابعًا تحقيقًا ونقدًا لبعض النماذج التي جرى فيها تطبيق «السمة» وتحليل مدى دقّتها في اختيار الرواة. المنهج الذي اعتمده المؤلف يجمع بين المنهج التاريخي (في عرض سيرة الإمام الجعبري وعلومه) والمنهج الوصيفي-التحليلي (في تحليل معايير السمة وأمثلتها)، مع تحقيق لبعض المصادر وشرحها بما ييسّر تصفّح الكتاب لباحثي الرواية. من أبرز المميزات الفنية والعلمية للكتاب: اللغة العربية الفصيحة بأسلوب أكاديمي مرتب، والإحاطة بمصطلحات علم الرجال والقراءات مع تحكّم واضح في دقة الطرح، إضافة إلى أصالة الموضوع ـ إذ إنّ الربط بين «السمة» و«اختيار الرواة» لدى أحد الأئمة القرّاء لم يُعطَ الحيز الكامل في البحوث السابقة ـ ما يمنح العمل قيمة بحثية متميّزة. ويُستهدف بهذا الكتاب فئة الباحثين وطلاب الدراسات العليا في علوم القراءات وعلوم الحديث والرجال، وكذلك المحقّقين المهتمّين بمنهجية الرواية وضبط الرجال، كما يُفيد مدرّسي القراءات والمشرفين على حلقات التحفيظ في فهم أعمق لآليات النقل القرائي وروايته. وأما القيمة العلمية والثقافية التي يضيفها فهو في سدّ فجوة في البحوث الخاصة بمنهج اختيار الرواة لدى القرّاء، وتعميق فهم علاقة «السمة» بوثاقة النقل وصدق الأداء، مما يُثري المكتبة البحثية في علوم القرآن والحديث ويهيّئ الطريق لمزيد من الدراسات المقارنة في هذا الشأن.