كتاب «منجد المقرئين ومرشد الطالبين» من تأليف الإمام ابن الجزري (ت 833 هـ) يُعدُّ من المختصرات الرائدة في علم القراءات، وقد طبعت له عدة طبعات، ويُعرف بأنه عرض واضح لأصول هذا العلم وأسس الاختلاف القرائي. يبدأ المؤلّف بترجمة نفسه ومقدمة تُمهِّد لموضوع الكتاب، ثم يقسمه إلى سبعة أبواب رئيسة، تشمل: ما يتعلق بالقراءات والمقرئ والقارئ وما لزمهما، والقراءة المتواترة والصحيحة والشاذة، ثم دفاعه عن قيام القراءات العشر واستمرارها، وعرضًا لتراجم مشاهير من قرأ بها، ومواقف العلماء في مسائل الاختلاف بين السبعة والعشر، وغيرها من القضايا. منهجه يعتمد على الأسلوب التقريري المختصر والتحليل المنطقي: يعرض القاعدة أو المبدأ، ثم يوضّحها بالأدلة والروايات، ويُبيّن الفروق بين الأقوال دون استغراق مطوَّل، مما يجعله ملائمًا لمن يريد مدخلاً منظمًا إلى علم القراءات. من المميزات الفنية والعلمية للكتاب أن لُغته فصيحة وجذّابة، أسلوبه متوازن بين الإيجاز والشرح، وترتيب الأبواب منطقي يسهل على القارئ التتبّع، كما أنه يحتوي على فهارس شاملة (آيات، أحاديث، الأعلام، الكتب، القراءات) تسهّل الرجوع إلى الموضوعات. الأصالة في الكتاب تظهر في اختيار موضوع التواتر القرائي والدفاع عن القراءات العشر ضمن إطار مختصر لكنه شامل، فهو لا يكتفي بذكر الروايات بل يعرض المواقف والعلل بأسلوب موجز ومفيد. الفئة المستهدفة من هذا الكتاب هم طلاب علوم القرآن والقراءات، والمقرؤون والمعلمون الذين يرغبون في فهم أصول القراءات والاختلافات بينها من دون التورط في كتب ضخمة، فهو يصلح كمدخل أو مختصر مرجعي. وأما القيمة العلمية والثقافية التي يضيفها فهو يجمع بين التوثيق والتنظيم في عرض علم القراءات، ويسهم في ترسيخ فكرة التواتر القرائي وبيان الاختلاف المشروع بين القراءات، كما يُعتبر من المراجع التي يُستدعى إليها في البحوث القرائية الأساسية، ويُساعد الطلبة على الانتقال من الاطلاع العام إلى التعمّق في المتون الكبرى.
غير موجوه الآن