منهج الإمام المباركفوري في عرض القراءات من خلال كتابه تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي

مؤلفة: الدكتورة دعاء بنت سعود بن صالح النباتي
الناشر: مجلة معهد الإمام الشاطبي للدراسات القرآنية (50 صفحة)

الموضوع والمكانة العلمية:
يتناول هذا البحث منهج الإمام محمد بن عبد الرحمن المباركفوري (1283–1353هـ) في تقديم وعرض مواد قرآنية وعلمية مرتبطة بالقراءات من خلال كتابه الشهير «تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي». وعلى الرغم من أن الكتاب الأساسي للمباركفوري ليس في صميم علوم القراءات بل في علوم الحديث، إلا أن الباحثة تهدف إلى إبراز ما يتصل منه — بطريقة منهجية — بمتطلبات علم القراءات وضوابط العرض والتناول العلمي لمواضيع القرآن ونصوصه.

المنهج الدراسي والتحليلي:
اتبعت الباحثة منهجًا وصفيًا تحليليًا منظمًا؛ حيث قسمت الدراسة إلى أبواب وفصول، ابتدأت بعرض أقوال المباركفوري بطريقة متميزة فوق كل مبحث، ثم وضعت العناوين المناسبة لكل قضية، وبيّنت أقوال العلماء المخالفة والموافقة لمواقف المباركفوري، مع توثيق الحديث ومخرجاته عند الحاجة، ومناقشة مختلف الدلالات التي تظهر عند مقارنة رأي المباركفوري بالآراء السائدة في علوم القرآن والحديث.

الإمام المباركفوري وشخصيته العلمية:
العلامة محمد بن عبد الرحمن المباركفوري هو عالم حديثي هندي الأصل، برز في علم الحديث وعلوم الحديثية، وقد اشتهر بكتابه «تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي»، وهو شَرْحٌ موسَّع لجَامِع الترمذي (سنن الترمذي) من حيث الإسناد والمتن والفوائد المستخرجة منه، مع عرض أقوال العلماء وآراءهم في مختلف المسائل الفقهية والحديثية.

المضمون والمنهج في كتاب تحفة الأحوذي:
الكتاب في أصله ليس كتابًا قرائيًّا بحتًا، وإنما هو شرح لكتاب الحديث «جامع الترمذي»، يتولى فيه المؤلف توثيق الإسناد، وشرح المتن لغويًا، ثم استخراج الفوائد العلمية والفقهية، مع ذكر أقوال العلماء ومناقشتها.
ومن هنا يبرز السؤال المنهجي في الدراسة: كيف وظّف المباركفوري هذا المادة الحديثية فيما يتعلق بـ عرض القراءات؟ والاجابة في الدراسة تكمن في أن الباحثة استخلصت من تفسيراته ونقده وتحليلاته ما يتصل بالقراءات وأوجهها، ووضعت ذلك في سياق علمي منهجي واضح، مع مقارنة لمواقف العلماء في القراءات، خاصة عندما يتقاطع نص الحديث مع قراءة من القراءات أو مع فهم قرائي معيَّن.

خصائص المنهج المقترَح في الدراسة:

1. تنظيم النص وعرضه بشكل متميز مختار أعلى كل مبحث في الدراسة.

2. دراسة كلام المباركفوري مع إبراز الأقوال المخالفة أو الموافقة لأقوال العلماء.

3. ترجيح الآراء استدلالًا بالدليل إن اقتضت الحاجة، مع توضيح ما قام به المباركفوري في نقد أو تحليل النصوص ذات الصلة بالقراءات.

أهمية الدراسة وإسهاماتها:
تكمن قيمة هذه الدراسة في أنها تسلّط الضوء على جانب منهجي غير مباشر في كتاب المباركفوري: أي كيفية تعامله مع نصوص القرآن وأثرها في عرض القراءات القرآنية حينما تتقاطع مع نصوص الحديث. وقد أتاحت الدراسة فهمًا أعمق لتداخل علوم الحديث مع علوم القراءات، ومدى تأثير منهج نصي وتحليلي في بناء الفقه القرائي عند العلماء الذين لا يتصدرون عادة في هذا الحقل العلمي بصورة صريحة.

تقدير عام:
تمثل هذه الدراسة إضافة مهمّة لمن يطلب فهم منهج علماء الحديث في التعامل مع القراءات — ولو كان عبر مدخَل غير مباشر — كما أنها تؤكد أن تحليل نصوص الحديث يمكن أن يتقاطع مع مسائل القراءات عند دراسة التفسير والاستنباط، مما يجعل مثل هذا المنهج محل اهتمام الباحثين في علوم القرآن والحديث معًا.