يرد الدكتور محمد حسن حسن جبل في هذه الدراسة القصيرة على العديد من الافتراءات والمزاعم التي أثارها المستشرق اليهودي المجري جولد تسيهر في موضوع القراءات القرآنية فيعرض لنا في القسم الأول من الكتاب الادعاءات التي قالها هذا المستشرق في كتابه مذاهب التفسير الإسلامي، مثل رأيه في سبب اختلاف القراءات القرآنية، وما رمى به القرآن بأن نصه مختلف، وغير ذلك من الآراء يعرضها لنا دكتور محمد حسن جبل بشكل كامل، ثم يخصص القسم الثاني من الكتاب في الرد على هذه الإدعاءات بشكل مفصل يوضح جهل صاحبها وفهمه الخاطئ للقراءات القرآنية. فيبدأ بالحديث عن المخالفات المنهجية التي ارتكبها جولد تسيهر، ومناقشة الأمثلة التي احتج بها، وردود على بقية أقواله في مسائل مهمة.
هذا الكتاب الفريد المختصر في أصوات اللغة العربية للأستاذ الدكتور محمد حسن حسن جبل أستاذ أصول اللغة بجامعة الأزهر (العميد السابق لكلية اللغة العربية بالمنصورة) وأستاذ غير متفرغ بكلية القرآن الكريم بطنطا ، فقد كتب في هذا الكتاب الفريد عن الأصوات وبه عرض مفصل ومؤصل عن قواعد تجويد القرآن الكريم مع تطبيقات وافية وأمثلة واضحة ، وأستعرض فيه دراسة الصوت دراسة طبيعية ، وعرض الجهاز الصوتي وتكلم عنها بتفصيل ، ثم وقف عند بعض مناهج البحث الصوتي منها منهج الذوق الذي كان القدماء يعالجون يه تحديد مخارج الحروف وصفاتها ، ومنهج الأجهزة التجريبيية وبين بعد ذلك شعب الدراسة الصوتية ، وعرّف بكل شعبة ودرس الأصوات دراسة مجردة ومنتظمة ، فالكتاب مشوق ومفيد وفريد في نفس الوقت حري بباحث القراءات أن يتمعن وأن يتأمل فيها.
فإن المهتمين بدراسة القراءات القرآنية يعلمون أن القراءات الشاذة هي جانب مهم في علم القراءات ثم إن المجتزئين في علمهم يجدون في احاطتهم المحدودة بالقراءات المتواترة غنى وكفاية، ولكن أهل التعمق والفقه في التخصص ينقبون عن هذه القراءات الشاذة، وقد كتب مؤلف هذا الكتاب دراسته هذه للقراءات الشاذة، حيث لم يكتف في بحثه بالإجمال، بل اتخذ منهج الاستقراء والتفصيل المشبع، وتصدى للموضوع بجوانبه وجذوره، فهو حافل بالعديد من المزايا، حيث إن فيه تأريخاً دقيقاً، موجزاً أميناً، للقراءات المتواترة والشاذة التي حواها محرر ابن عطية، كما أن ابحث احتوى دراسة متعمق مؤصلة للقراءات الشاذة من ناحية الصوت والدلالة، وقد استطاع المؤلف بما أوتى من فكر ثاقب ودقة ملموسة فقد وفّى هذه الدراسة حقها، وهو بحق يعد إضافة إلى التراث اللغوي عامة، وإلى المكتبة القرآنية خاصة.