العلم يشرف بشرف ما ينسب إليه ، فعلم الضبط ينسب للقرآن الكريم ؛ فهو من أجل العلوم لتعلقه بالقرآن الكريم الذي هو مخزن العلم ومنبع العلم الصافي ، وقد اهتم علماء الإسلام قديماً وحديثاً بدراسة علوم القرآن الكريم من حيث قراءاته ورسمه وضبطه وعدد آيه وغيرها ، وقد وضعوا لذلك مصنفات مطولة ومختصرة ، ثم ألفوا المنظومات ومنها النظم المبارك الموسوم ب(مورد الظمآن) في رسم وضبط القرآن للإمام محمد الأموي الشريشي الشهير بالخراز ، ثم جاء مؤلف الكتاب عبدالرزاق بن علي بن إبراهيم موسى فقام بشرح هذا النظم مما يتعلق بعلم الضبط فبين معانيه وقيد شارده ووضح مبهمه فافاد واجاد وأغنى بشرحه عن كثير من الشروح الطويلة والتي قد يصعب فهمها على طلبة العلم.
القران الكريم منذ نزوله محط أنظار العلماء، ومناط أفكار الفضلاء، وموضوع عنايتهم، طائفه بحثت في معربه ومبينه، وطائفة تخرج وجوه العربية وثالثة عنيت بما فيه من البلاغة وأسرارها ورابعة وجهت أنظارها إلى تحرير أوجه قراءاته وهذا العلم يعرفه أهل القراءات المتقنين، وقليل ماهم، بعلم التحريرات، وقد ألف في هذا العلم أئمة أجلاء ما زلنا إلى يومنا هذا نستفيد من تراثهم،وعندما مطالعتك لهذا السفر الجليل ستتعجب وستعرف بما فيه من مسائل القراءات التي حررها الجمزوري لا غنى عنها للمبتدئ والمنتهى للرجال القراءات، فان هذا الكتاب عظيم في بابه ولا اكون مغاليا إن قلت إن هذا الكتاب بهذا التحقيق افضل تحريرات الشاطبيه على الاطلاق.
فإن مما يبشر بالخير ويدعو إلى الإعجاب ويستحق الإشادة إقدام الباحثين من علماء هذه الأمة على دراسة كتب التراث واختيار النافع منها لتحقيقه ونشره وفق القواعد العلمية للتحقيق، فرغم الأن الكثير من أمهات الكتب قد نشر خلال القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين فقد بقيت نفائس كثيرة لم تنشر بعد، فإن ما نشر لم يحفظ معظمه بالتحقيق العلمي الدقيق ومن النفائس التي لم تنشر كتاب(شرح الزبيدي على الدرة في القراءات الثلاث) وقد بذل المحقق الأستاذ الفاضل عبدالرزاق وقد بذل جهداً جباراً لإخراج هذا الكتاب إلى خدمة القراء وقد رتبه ترتيباً كاملاً مجوداً، وشرح المجمل وفصل ما يحتاج إلى تفصيل مع توجيه القراءات الثلاث لأئمتها، وما هذا العمل إلا وسيلة لحفظ كتاب الله الذي تكفل به.