من الكتب التي حظيت بعناية خاصة في علمم القراءات،ووافر الاهتمام قصيدة الامام الشاطبي الموسومة بحرز الاماني ووجه التهاني في القراءات السبع فقد اعتنى بها العلماء ففتابعوا على شرحها، واستنباط لطائف معانيها، واستخراج كنوزها، في مصنفات متعددة، ومؤلفات متنوعة، ومن جملة شروحها البارعة شرح الامام عبجالرحمن اسماعيل بن ابراهيم المعروف بأبي شامة، حيث شرحها شرحاً بديعاً، وقد احتفل شرح أبي شامة بمسلك جديد، يتجلى في استدراكه على الامام الشاطبي في مواضع كثيرة من قصيدته، فتعقبه عليها أبو شامة، وأردف ذلك بما يراه مناسباً من أسلوب وصياغة لا يتناولها اعتراض، وهذه الاستدراكات نقلها جمع من الشراح بعد أبي شامة، وبعض استدراكاته على الامام الشاطبي لا يخفي حسنها، ولا يمكن إغفالها؛ لجلاء أمرها ووضوحه، وفي هذا البحث المختصر جاء ليقف على هذه الاستدراكات التي اوردها الامام الشاطبي، ودراستها دراسة تتضمن بيان وجهها ومناسبتها، وصحة اعتراضها، ومقارنتها بعبارات غيره.
القصيده المالكيه في القراءات السبع لأبي عبد الله جمال الدين محمد بن عبد الله بن مالك الطائي الجياني المتوفى 672ھ ، ها هي بين يديك، موصوله السياق اليك، ومثلها حريم بالمطالعة، جدير بالقراءه والمتابعة، فقد تعلق بها الفضائل، وارتسمت في محاسنها قلائد الشمائل، ولم يجاوز الحد، ولم يسقط،ولم يعتد فشرف مقصودها ظاهر، وشأن ناظمها بين الخلائق سائر، هذه القصيده وهي وان كانت مستقاة من الشاطبيه، إلا انه تفرد في نظمه ببعض الخصائص التي تدل وبوضوح على ملكة عالية وقدرة في النظم بالغة، وسيظهر لك ذلك اثناء القراءه، ويلفت انتباهك الى حسنه، بدأ قصيدته بحمد لله والصلاه على الرسول ثم افصح عن مراده وبين منهجه إجمالاً و أنه صار على ما سار عليه الامام الشاطبي في حرز الاماني ثم ذكر القراء السبعه مرتبا اياهم على ترتيب الشاطبي، ومن ما يميز، منهج الناظم رحمه الله في هذه القصيده باستقصائه في جمع النظائر عند الموضع الاول.