يقدّم كتاب «أنتَ لستَ من أهلِ القرآن؛ أنتَ مجرّدُ مُدَّعٍ» لدريد إبراهيم الموصلي (450 صفحة، أُدرِج يوم الخميس 4 سبتمبر 2025 ضمن «كتبٍ عامةٍ في علم القراءات») خطابًا تقويميًّا صارمًا يُراجِع به المؤلِّفُ دعوى الانتساب إلى أهل القرآن في ضوء معايير العلم والعمل والخلق، فيُحدّد منذ البدء أنّ مناط الشرف ليس مجرّد الحفظ أو تلاوة الألفاظ، بل تحقيقُ شروطٍ مركّبةٍ من الإخلاص، وصحّة التلقّي بالسند، وإتقان الأداء، والالتزام بأدب الحِلَق وخدمة الناس. ينصرف الكتاب إلى تشخيص مظاهر «الادّعاء» في البيئات التعليميّة والإعلاميّة: كالتصدّر بلا أهلية، وتوسيع مفهوم «الإجازة» خارج وظيفتها الأصيلة، والتكسّب بالقرآن على حساب المعنى، والعناية بالشكل دون الجوهر، ثم يقابلها بمعالم «الأهلية» كما استقرّت عند أئمة الفنّ: توثيق السند، وضبط الأصول والفرش، والتخلّق بآداب الحفظ والتعليم، وحراسة المقاصد. ويعتمد المؤلف منهجًا وصفيًّا تحليليًّا تقويميًّا؛ يستحضر نصوص الوحي وقواعد أهل الأداء وشواهد التاريخ التعليمي، ويصوغ منها ميزانًا عمليًا للتمييز بين «الانتساب» الصادق و«التطفّل»، جامعًا بين النقد الأخلاقي والتنبيه المنهجي. وتبرز مميزات العمل في لغته الفصيحة المحكمة، وبنائه الذي يتدرّج من التأصيل إلى التطبيق، وتحديده معايير قابلة للقياس—كتاريخ التلقّي، وضبط المتون، وأثر المعلّم في تلاميذه—مع أمثلةٍ واقعيةٍ تُبرز الفروق بين المظهر والجوهر. وهو موجّه إلى المقرئين والمجازين ومدرّسي الحِلَق وطلبة الدراسات القرآنية، بل وإلى لجان المصاحف والمؤسّسات التعليمية التي يعنيها ضبط «معايير الأهلية» وتجويد الممارسة. وتنبع قيمته العلميّة والثقافية من أنه يردّ الاعتبار إلى مفهوم «أهل القرآن» بوصفه هويةً معرفيّة وأخلاقيّة لا لقبًا اجتماعيًا، ويُسهم في ترشيد الخطاب التعليمي عبر وصل «السند» بـ«السلوك»، و«الضبط» بـ«العمل»، فيُعيد ترتيب الأولويات: العلم المؤصّل، ثم الأداء المتقَن، ثم الأثر التربوي، لا العكس.
