يقدّم كتابُ «السبُل النّيّرات في أهمية علم القراءات» للدكتور إبراهيم بن محمد كُشيدان عملاً تعريفيًّا تأصيليًّا ينهض بتبيين مكانة هذا الفنّ في بنية علوم القرآن، وقد صدر في 61 صفحة بدبي، بتاريخ 27 أكتوبر 2008م، ضمن مطبوعاتٍ تُعنى بتيسير مباحث القراءات للدارسين والمهتمّين.  ينهض الكتاب على فكرةٍ مركزيةٍ مؤداها أنّ علم القراءات ليس ترفًا صوتيًّا أو اختلافًا لهجيًّا، بل علمٌ كُلّيٌّ تتساند به سلامةُ النصّ وضبطُ أدائه وتفسيرُ معانيه، فيعرض مباحث تُبرز علاقته بالتوثيق والرسم والضبط والتجويد، وتأثير وجوه الأداء في البيان والمعنى، وموقعه من علوم الشريعة كالتفسير والفقه وأصوله. ويعتمد المؤلف منهجًا وصفيًّا تحليليًّا؛ يبدأ بتحديد المصطلحات ومظانّها، ثم يسوق الشواهد المعيارية من المتون والأصول، ويُبين بها حُجّية القراءات المتواترة ومسوّغات الاعتداد بها في الاستدلال، مع نقد تصوّراتٍ شائعة تختزل القراءات في اختلافاتٍ لفظيةٍ محضة. وتبدو الخصائص الفنية والعلمية للعمل في لغةٍ عربيةٍ فصيحةٍ محكمة، وتنظيمٍ منطقيٍّ متدرّج من المفهوم إلى التطبيق، وإحكامٍ اصطلاحيٍّ يوازن بين دقّة العرض وإيجازه، مع عنايةٍ ببيان الصلة بين الأصول والفرش، والإشارة إلى مواضع الأثر الدلالي دون خروج إلى الجدل المطوَّل. ويُوجَّه الكتاب إلى طلّاب القراءات ومعاهد التحفيظ ومدرّسي التجويد وإلى الباحثين في التفسير وعلوم القرآن، بوصفه مدخلًا ممكّنًا لترسيم صورةٍ متكاملة لوظائف هذا العلم في حفظ النص وتلقّيه. وتتمثّل إضافته القيمية في إعادة ترتيب مسلّماتٍ معرفيّة حول القراءات: من فنٍّ يُظنّ أنّه هامشيّ إلى ركيزةٍ تضمن سلامة المصحف أداءً ومعنى، وتُثري أدوات المفسّر واللغويّ والأصوليّ على السواء؛ وبذلك يمدّ الجسر بين الدرس التراثي ومتطلبات التدريس المعاصر، ويحرّض على توظيف نتائج علم القراءات في بناء مناهج تعليمية رصينة تُراعي الأثر الصوتي والدلالي معًا.