إنّ بحث «مواقف النحاة واللغويين من لغة قريش: دراسة في دلالات المصطلح وحدوده» للدكتور فؤاد رمضان محمد حمادة، المنشور في مجلة جامعة القدس المفتوحة للأبحاث والدراسات عام 2015، يمثل دراسة لغوية دقيقة وموسّعة لمصطلح "لغة قريش"، الذي مثّل مدار جدلٍ علميٍّ قديم وحديث بين علماء اللغة والنحو في تحديد مدلوله وموقعه في دائرة العلوم اللغوية. يفتتح الباحث الدراسة بالإشارة إلى التناقض في المواقف العلمية إذ أنّ البعض وصف لغة قريش بأنها أفصح اللغات وأنّ القرآن نزل بها، في حين رأى آخرون أنها مجرد لهجة محكية لا تختلف عن بقية اللهجات، أو حتى أنها لا وجود لها بحد ذاتها، وقد أشار القدماء إلى الترادف والتداخل الحاصل بين تعابير "لسان قريش" و"لغة قريش" و"لحن قريش". هذه المتداخلات جميعها دفعت الباحث إلى اعتماد منهجٍ وصفيٍ دقيق لاستقراء السياقات التاريخية التي صاغ فيها هذا المصطلح وتأويلاته المتباينة عبر القرون. ومن النتائج الجديرة بالذكر أن الدراسة خلصت إلى أنّ هذه التسمية كانت مصطلحاً كوفياً لم يستخدمه أهل البصرة، كما كشفت أن علماء البنيوية اللغوية نقلوا عن الكوفيين من دون اتباع منهجية تحليلية مستقرة. يُميّز هذا البحث بأسلوبه الأكاديمي المنهجي وتوزيعه المنطقي بين الدراسة اللغوية والتاريخ المفاهيمي، مع تمثّل واضح للتوثيق من المصادر التراثية. ويُعد تلخيصاً علمياً مقنعاً لمواقف النحاة واللغويين من مفهوم "لغة قريش"، كما يجسّد بعداً تاريخياً لغوياً يُفيد الباحثين في فهم أصول المصطلحات اللغوية وتطور الدلالة عبر التحوّل التاريخي.