«الاختيار القرائي لأبي الأشهب العطاردي دراسة في ضوء علم اللغة الحديث» للمؤلف سلامة عمر محمد عبد الرحيم:
يُعدّ هذا البحث من الأعمال المعاصرة التي تتناول جانباً متخصِّصاً في علوم القراءات والمَرْجِعات اللغوية له، حيث ينطلق المؤلف من واقع أنّ القراءات القرآنية — سواء المتواتر منها أو الشاذّ — تشكّل ميداناً غنيّاً لفهم اللغة العربية وألفاظ القرآن الكريم، يُرصد فيه واقع الاختيار القرائي لدى القارئ أبي الأشهب العطاردي (ت = 165 هـ) ويُحلَّل في ضوء ما توصل إليه علم اللغة الحديث. يبدأ الكتاب بتقديمٍ تمهيدي يعرّف بمفهوم «الاختيار القرائي» وأهميته في قراءة القرآن الكريم، ثم يعرض الموضوع المركزي وهو قراءة أبي الأشهب العطاردي، مع تحديد دوافع اختيارها وخصائصها، وعرضاً معمَّقاً لمحاور الدراسة: منها تحديد معايير هذا الاختيار، وصيغته التنفيذية، وعلاقته بالبلاغة واللغة والنحو، وتحليل لغة القارئ وطبيعة اختياراته، ومن ثمَّ دراسة الصيغ اللغوية التي استخدمها في علاقته بالنصّ القرآني. يُتبِع المؤلف منهجاً وصفياً تحليلياً، إذ يستعرض النصوص القرائية، ويحلّلها من خلال مفاهيم لغوية حديثة كالإشغال الدلالي، والتمييز بين اللغة المستقرة واللغة المختارة، إضافة إلى المقارنة بين قراءة أبي الأشهب وغيره من القرّاء، مع الإحالة إلى الأدلّة والدراسات اللغوية الحديثة. من أبرز المميزات الفنية والعلمية للكتاب: لغة عربية فصيحة رصينة، وأسلوُبٌ أكاديميّ منظَّم، ومصطلحات لغوية واضحة، ومدعومة بالمراجع والمصادر التي تعنى بعلم اللغة المعاصر والقراءات القرآنية؛ كما تُظهر الأصالة في اختياره لموضوعٍ قلّما نُوقش بهذا المنهج اللغوي، ما يمنحه قيمة مضافة في المكتبة القرآنية واللغوية. يُوجَّه هذا البحث إلى فئة المتخصّصين في علوم القراءات، وطلبة الدراسات العليا في اللسانيات العربية وعلوم القرآن، فضلاً عن المعلمين والمشرفين الذين يرغبون في فهم العلاقة بين الاختيار القرائي واللغة، وقد تكمن فائدته في غرس وعيٍ لغوي أعمق لدى طالب القراءة المدقّقة أو الباحث في اللغة والقراءات. أما القيمة العلمية والثقافية التي تضيفها الدراسة فتكمن في ربط ظاهرة قرائية تاريخية بمنظومة علمية لغوية حديثة، ما يسهم في تطوير بحوث الاختيار القرائي من منظور لغوي، ويُثري النقاش الأكاديمي بين علوم القرآن واللسانيات، ويُفتح آفاقاً لمزيد من البحوث التي تربط القراءات الشاذة بالتحليل اللغوي المعاصر.