لم يكتب أحد عن أبي عبيد المقرئ ، العالم بعلل القراءات ، الخبير بنقد أسانيدها ، ولم يكتب أحد عن كتابه ((القراءات)) الذي هو أول مصنف جامع في هذا الفن ، ولا عن قراءة أبي عبيد التي انتقاها وفق منهج علمي متين ، جامع لأركان القراءة الصحيحة ، من صحة النقل ، وموافقة للرسم السلفي ، وللأفصح من أوجه اللغة، وقد كانت هذه القراءة مشهورة مروية ، إلى قريب الستمائة من الهجرة ، ولكنها بعد وئدت وضاعت ، كما ضاعت بعض كتبه ، وبقيت قرائته منذ ذلك التاريخ تُذكر ولا تُروى ، وتُحمد ولا تُخبر ، وهاهي اليوم تبعث من جديد ، وتنشر من عالم النسيان ، وسترى فيه اختيار أبي عبيد القاسم بن سلام في مسائل شتى من علوم القراءات ، وبين فيه أثر أبي عبيد على المدرسة القرآنية.
معرفة خدام القرآن وذكر مآثرهم من خدمة القرآن ، وهذا الكتاب (أحاسن الأخبار ، في محاسن السبعة الأخبار ، أئمة الخمسة الأمصار ، الذين انتشرت قراءاتهم في سائر الأقطار) لأمين الدين عبدالوهاب بن وهبان الحنفي رحمه الله موضوع في تراجم القراء السبعة ، وفي أصول قراءتهم ، وفيه مقدمات لا يسع المسلم جهله عن القراءات ، وهو في حلة حسنة ، وتحقيق مفيد ، ليتعرف المسلمون من خلاله على أئمتهم الذين يقتدون بهم في القراءة ، وليتفقهوا ما لا يسعهم جهله من هذا العلم الشريف.